سوسانا هيشل مستوحة من الصداقة الدائمة بين والدها الحاخام أبراهام جوشوا هيشل ومارتين لوثر كينغ. كتابات هيشل توضح الطريقة التي غيرت العقيدة الدينية لتحقيق أهداف أيديولوجية.
نسخة كاملة مكتوبة
سوسانا هيشل: اسمحوا لي أن أبدأ بالقول أن والدي الحاخام أبراهام جوشوا هيشل كان متورطا في حركة الحقوق المدنية في الستينات وعمل بارتباط قريب مع الدكتور كينغ. وأعتقد أن ما هو مهم عن الدكتور كينغ ووالدي هو أنهما كان لديهم تصورا لما يمكن أن نصبح لنذكر أنفسنا بما هو ممكن للإنسان للتحقيق.
دانيل جرين: سوسانا هيشل تتذكر بوضوح اليوم في مارس 1965 حين شاهدت والدها وهو يغادر المنزل ليذهب إلى مدينة سلمى بولاية ألاباما ليسير مع مارتن لوثر كينغ. وترمز مدينة سلمى علامة نقطة تحول في حركة الحقوق المدنية. بعد السير شُهر الحاخام هيشل بما كتب: "أشعر بأن قدماي كانتا تصليان". اليوم ابنته مستوحة من الطريقة التي أمكنت والدها والدكتور لترجمة هذه الأيديولوديات في عملهم من أجل إحداث تغيير إيجابي.
مرحبا بكم في قسم آراء حول معاداة السامية, سلسلة مجانية من التسجيلات الصوتية لمتحف ذكرى الهولوكوست بالولايات المتحدة. معكم دانيل جرين مضيف السلسلة. ونقوم مرة كل أسبوعين بدعوة ضيف لإبداء رأيه حول الطرق العديدة التي تؤثر بها عمليات الكره ومعاداة السامية على عالمنا اليوم. وهنا تستمعون إلى الأستاذة سوسانا هيشل من جامعة دارتموث.
سوسانا هيشل: سلمى هو مكان كل أمريكي يجب عليه أن يزوره. حضر أبي ذلك المكان معية الدكتور كينغ في الصفوف الأمامية, وأعتقد أن تحول القلوب في ذلك المكان كان شيئا غير عاديا.
اليوم الناس في حاجة إلى أبطال ولكنهم أيضا يحتاجون إلى أمثلة من الصداقات. على سبيل المثال كانت الصداقة بين والدي والدكتور كينغ من أروع الصداقات التي لديها نوع من المعنى الرمزي للكثير من الناس من المجتمع اليهودي والمجتمع الأمريكي الأفريقي. هذه الصداقة تتعتبر رمز للأمل وإنها أيضا رمز لشخصين من خلفيات مختلفة جدا قادرين على التعامل معا وعلى العثور على ارتباط بينهما. إنه ارتباط كان مستندا على الكتاب المقدس وخاصة الأنبياء والعمل مع بعض ومساعدة بعضهما البعض.
دانيل جرين: مثل والدها فيمكن القول أن سوسانا هيشل في حياتها الشخصية كباحثة كانت مستوحة في أجل العلاقة بين الفكر والعمل. فدرست أيديولوجيات مجموعات من رجال الدين المسيحي في ألمانيا, وكان بعضهم متعاطفين مع الحزب النازي ودرست أيضا كيف شوّهت هذه المجموعات العقيدة الدينية لتناسب أهدافها الأيديولوجية. وتفسر هيشل أن رجال الدين في ألمانيا النازية في آخر الأمر يعيدون صياغة تاريخ المسيح بطريقة تؤدي إلى تقسيم المجتمع وتشجيعه على كراهية اليهود.
سوسانا هيشل: مسألة "يهودية المسيح" هو شيء درسته في كتابين فيما يخص موضوع ألمانيا في القرن التاسع عشر وأيضا في الفترة النازية. في كتابي الأول أمعنت النظر إلى الطرق حينما حاول مؤرخون يهود مواجهة اللايهودية المسيحية, وذلك بالقول أن المسيح حقيقة كان يهوديا, وكانت معظم أفكاره اتخذها من الدين اليهودي في عصره, ولم تكن تعاليمه مختلفة من تعاليم الحاخامين الآخرين من عصره ـ فإن المسيح نفسه يُدعى حاخاما في إنجيل الجوسبال ـ ذلك أن إيمان المسيح كان من اليهودية.
واليوم في عام 2007 ليس للمسيحيين أي مشكلة مع حجة مثل هذه, ولكن في الستينات والسبعينات من القرن التاسع عشر كانوا يشعرون بالقلق فيما يخص ما تبقى من النسخة الأصيلة للمسيح. إذا كان الدين المسيحي فعلا يمثل دين وإيمان المسيح وإذا كان المسيح فعلا هو المسيحي الأول فإن للمسيحيين مشكلة بالفعل لأن هذا يعني أن المسيحي الأول كان في الوقع يهوديا. إذن ما هو الدين المسيحي؟
وهذه المسألة فيما يخص أصل المسيح وشخصيته الفذة أدت إلى فوضى ضمن رجال الدين المسيحيين في محاولة "إنقاذ" المسيح من هذا النوع من المعنى التاريخي الذي قام به العلماء اليهود. فاتخذ البعض من هؤلاء المسيحيين نظرية عنصرية وادعوا أن تعاليم المسيح قد لا تكون تختلف من التعاليم اليهودية ولكن من نظرية عرقية فإن المسيح لم يكن يهوديا على الإطلاق. وقال بعضهم أنه كان في الواقع من الجنس الآري.
والكتاب الذي انتهيت من كتابته والذي سوف يُنشر عن قريب بعنوان "المسيح الآري: المسيحيون والنازيون والكتاب المقدس" يصف إنشاء معهد الدعايات المعادة للسامية والذي يحمل اسم "معهد دراسات التأثير اليهودي والقضاء عليه في حياة الكنيسة الألمانية". وكان رجال الدين والأساتذة في علوم الإلهيات بالجامعات الألمانية والأسافقة والقساوسة قد حاولوا إزالة كل شيء يهودي من الدين المسيحي. ويعني هذا من ناحية إزالة العهد القديم (التوراة) ـ فهم يزعمون أنه كتاب يهودي ـ وإزالة الإشارات الإيجابية عن اليهود وكل شيء يمثل الدين أو الحضارة اليهودية. فقد نشروا نسختهم الخاصة من العهد القديم (التوراة) ومن كتاب التراتيل الذي تم "تنظيفه" من الكلمات العبرية مثل "هاليلوياه". وهذا كان من المعاهد الناجحة في ألمانيا النازية. والناس الذين قاموا بنشاط بإدارة ذلك المعهد قد احتفظوا بمناصبهم بالكنيسة بعد 1945, وقد حصل البعض منهم عن شرف وكرامة من قبل كنائس ألمانيا الغربية والشرقية ومن قبل الحكومة بعد الحرب.
قدم هتلر نفسه كشخصية المنقذ واعتبروه المسيحيون منقذا أيضا. وحاولوا إعادة كتابة تاريخ ألمانيا حسب نموذج الجوسبال. فالقراءة الجديدة للإنجيل من قبل بعض البروتستانت كانت تقول بطريقة ما أن المسيح قد أعلن قدوم هتلر. وهكذا فهم يدّعون أن المسيح أتى ليقضي على اليهودية. وبدلا من ذلك فقد سقط المسيح ضحية اليهود وقتلوه. والآن فهؤلاء الناس يقولون أن هتلر يحاول أن بفعل ما فعله المسيح. إن هتلر سوف يحقق ذلك, فإنه سوف يقضي على الدين اليهودي, وعلى هذا النحو سيحقق مهمة المسيح. وهكذا فإن رجال الدين الألمان قدموا أنفسهم على أنهم يقاتلون في معركة روحية لإعطاء الألمان الأسلحة الروحية التي هم في حاجة إليها لمكافحة اليهودية.
علينا أن نفهم أن لبعض الصور تقاليد تاريخية من الصور المعادة للسامية ولهذا فللصور سلطة مستمدة من ذلك التاريخ الطويل. ومن ناحية أخرى فعلينا أن نفهم الدور السياسي الذي تلعبه معاداة السامية. إن لمعاداة السامية تاريخ ودور, ويجب أن نفهم هاتين الحقيقتين إذا أردنا فعل شيء حيال ذلك.